رصد جوليوس ألاجبي في هذا التحليل صورة اقتصاد مصري يرزح تحت عبء ديون ثقيل، رغم التقدّم المحقق في مسار الضبط المالي والدعم الذي تقدّمه مؤسسات الإقراض متعددة الأطراف. ويشير إلى أن ضعف القدرة على تحمّل الدين يظل التحدي الائتماني الأبرز، في ظل ارتفاع الدين العام مقارنة بحجم الاقتصاد وارتفاع تكاليف الاقتراض المحلية المعدّلة بالتضخم.

 

يوضح تقرير ماركت فورس أن الاقتصاد المصري يستفيد من دعم رسمي وثنائي كبير، من ضمنه استثمارات قطرية ضخمة، إلى جانب تحسن بعض المؤشرات الكلية، مثل تراجع معدل التضخم وتحسن مؤشر أسعار المستهلكين بفضل سياسات نقدية أكثر فاعلية.

 

عبء الدين يقيّد المرونة المالية

 

تحذّر وكالة موديز من أن القدرة الضعيفة للغاية على تحمّل الدين تفرض قيودًا حادة على السياسة المالية. وتشير إلى أن مدفوعات الفائدة، عند احتساب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة، تتجاوز 90% من الإيرادات الحكومية، ما يضغط بشدة على المرونة المالية والتصنيف الائتماني. وتعكس تصنيفات مصر طويلة الأجل عبئ الدين المرتفع واحتياجات التمويل الإجمالية الكبيرة، رغم ما يخفف ذلك من دعم رسمي وثنائي واسع.

 

تقدّر موديز أن مدفوعات الفائدة تجاوزت 60% من إيرادات الحكومة المجمعة في السنة المالية 2025، وهو من أعلى المعدلات بين الدول التي تغطيها الوكالة، ما يجعل كلفة خدمة الدين عقبة رئيسية أمام النمو.

 

نمو اقتصادي وتحسن نسبي في المؤشرات

 

يسجّل الاقتصاد المصري تعافيًا ملحوظًا في النمو، حيث يصل إلى 4.4% في السنة المالية المنتهية في يونيو 2025، ثم يرتفع إلى 5.3% على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية 2026، مدفوعًا بنشاط الصناعات غير النفطية والسياحة. ويتراجع التضخم بشكل حاد إلى 12.5% في أكتوبر 2025 بعد ذروة بلغت 36% في أوائل 2024، ما يسمح للبنك المركزي ببدء خفض أسعار الفائدة.

 

على الصعيد الخارجي، يضيق عجز الحساب الجاري إلى 4.2% من الناتج المحلي في 2025، بدعم من ارتفاع تحويلات العاملين وإيرادات السياحة، رغم اتساع العجز التجاري واستمرار ضعف إيرادات قناة السويس.

 

آفاق إيجابية مشروطة بإصلاحات مستدامة

 

تتوقع موديز أن تسهم سياسات مرونة سعر الصرف واستهداف التضخم، إذا استمرت، في تقليص اختلالات الاقتصاد الخارجي وتعزيز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات. كما يعزز اتفاق استثماري كبير مع قطر احتياطيات النقد الأجنبي قبل نهاية 2025، ويدعم آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر على المدى المتوسط.

 

تسجل المالية العامة فائضًا أوليًا قياسيًا عند 3.3% من الناتج المحلي في السنة المالية 2025، مدفوعًا بتحسن التحصيل الضريبي وضبط الإنفاق غير المتعلق بالفوائد. غير أن عبء الدين المرتفع، الذي يتجاوز 80% من الناتج المحلي، يظل قيدًا هيكليًا.

 

تربط الوكالة النظرة الإيجابية بإمكانية تراجع كلفة خدمة الدين تدريجيًا، مدعومة بانخفاض التضخم، وتعزيز مصداقية السياسة النقدية، وتنويع مصادر التمويل المحلي. ومع ذلك، تؤكد أن انخفاضًا ملموسًا في تكاليف الاقتراض المعدلة بالتضخم لم يتحقق بعد.

 

تختم موديز بأن تحسّن التصنيف الائتماني يتطلب ثقة أكبر في استدامة تحسن القدرة على تحمّل الدين، عبر خفض حقيقي لكلفة الاقتراض، وتقليص عبء الدين، وزيادة هيكلية في الإيرادات. في المقابل، قد يضغط على التصنيف أي تآكل في احتياطيات النقد الأجنبي أو عودة نقص العملات الأجنبية، ما يضع مسار الإصلاح الاقتصادي أمام اختبار مستمر.

 

https://dmarketforces.com/egypt-battles-high-debt-burden-amidst-fiscal-consolidation/#google_vignette